التكنولوجيا في غزة الحصار نصنعها أم تصنعنا !!!!!
بقلم : د.نيرمين ماجد البورنو
لم تشهد مدينة في التاريخ المعاصر حصارا ظالما جائرا كذلك الذي فرضه الإحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 2007 وحتى يومنا هذا , بهدف تركيع أهلها وخنقهم وتعطيل مجمل تفاصيل الحياة العامة فيها .
ولم يشهد العصر الحديث أصلب من أهل غزة في حصار الحصار ، بعد أن قننت اسرائيل دخول المحروقات والطاقة الكهربائية ، ومنعت دخول الدواجن واللحوم والخل والبسكويت والحديد والاسمنت وغير ذلك كثير ، ومنعت الصيد في عمق البحر ، وأغلقت المعابر , ووجد أهل غزة أنفسهم يقفون على الحد الفاصل .
بين الحياة والموت ، فقرروا الانحياز الى الحياة ، والانتصار لها على عدو الحياة ، فاعتمدوا على عقولهم ، وقوة ارادتهم ، وتمسكوا بالأرض التي حفظت لهم توازنهم على صفحتها، وأخذوا يجدون الحلول للمشاكل الصعبة ، وخلقوا البدائل رغم محدودية الإمكانات ، لكنهم نجحوا في تحريك الساكن الذي هدد بتعطيل الحياة ، ونجحوا في منع انهيار قطاعات الخدمات المختلفة.
لقد استخدم أهل غزة زيت الطبخ وقودا لسياراتهم ، وغاز الطبخ مصدرا بديلا للطاقة لتسيير محركات الياتهم ، واستبدلوا الاسمنت بالطين الحراري المعالج ، ونقلوا نفاياتهم على ظهور الحمير والبغال ، وتحولت مدارس ، ومنها مدرسة بيت حانون الزراعية الى مشتل للأشجار المثمرة ، ومصدرا لإنتاج البيض من الدجاج البياض الذي يربيه طلبة المدرسة ويدفعون به للسوق المحلي..
لقد استخلص أهل غزة الحديد من البيوت التي دمرها الاحتلال ، لاستخدامه في إعادة بناء بيوت جديدة ، وأبدعوا في حفر الانفاق والأخاديد والملاجئ.
ربما تكون أساطيل الحرية قد كسرت الحصار يوما ، لكن أسطول الحرية الحقيقي الذي رفض العبودية للمحتل هو شعب قطاع غزة نفسه ، الذي أصر على استمرار معانقة الحياة وتعظيمها , لقد تعلم هذا الشعب كيف يغيث نفسه , وكيف يبدد ظلام الحصار بفتيل الزيت , وكيف يعيش نشوة الانتصار على المحتل بدون مايونيز وبلا كاتشاب .
وتحولت المرأة الغزية الى أسطورة في توفير الحلول للمشاكل التي تواجه حياة أسرتها اليومية ، فيما طور الشباب قدراتهم التقنية والمعرفية في مجالات التكنولوجيا المختلفة وفي استخدام وسائل التواصل والاتصال والبرمجة ، والحاجة في غزة أم اختراعات أهلها المحاصرون .
اترك تعليقاً