السوسيولوجيا في زمن جائحة الكورونا :بين واقع الوباء وازمة البحث عن الذات
الباحثة : دناف أسماء
إن السيرورة التاريخانية التي عرفها العالم ،ضمن نسقية تغيرية مستمرة في مستوياتها الفيزيقية والفكرية والإنسانية .فلا شيء ثابت فالمجتمعات الإنسانية خاضعة لحتمية التغير والتحول سواءا كان لنتيجة ومحسوبة ضمن مشروع مجتمعي قائم ،وإما لمسببات طارئة مفاجئة خرجت عن السيطرة الإنسانية فهو ما حدث في الآونة الأخيرة من ظهور فيروس كورونا أو كوفيد 19 هو فيروس غير مرئي ولا يرى بالعين المجردة أدخل العالم في حلقة جهنمية من اللاستقرار واللامن ،حيث خلخلة الأنظمة القائمة فتم تعرية بعض المجتمعات وخاصة المتقدمة من مثاليتها الزائفة لواقعها بميادنه المختلفة من جهة وإعادة النظر في المكونات المجسدة للمجتمع ومأسسته بالنسبة للمجتمعات المتخلفة –المجتمع الجزائري نموذجا – بين هذا وذلك نجد ملكة العقل تبحث عن الحقيقة محاولة فك الرموز المشفرة وخوض رحلة التنقيب والاستكشاف العلمي ،ضمن مجالات والتخصصات متداخلة فيما بينها من أجل محاولة فهم مسببات هذا الفيروس مكوناته وتراكيبه وكيفية الحد منه ومخلقاته على الإنسانية ،فبالرغم من أن الفيروس ذو طبيعة بيولوجية محضة من اهتمامات علماء الطب والبيولوجيا وعلم الأوبئة بالدرجة الأولى إلا أن إقصاء العلوم الاجتماعية والإنسانية من محاولة فهم وتفسير أزمة كوفيد 19 فيما مدى تقبل المجتمعات الإنسانية لفكرة المرض في حد ذاتها ومخلفاته عليها.
فأمام جدلية هل الفيروس طبيعي أم صناعي مفتعل ؟سخرت الدول وخاصة المتقدمة كل الكوادر والنخب العلمية المتخصصة في علم الوراثة والأوبئة من اجل التحقق في هوية الفيروس وتصعيد الفرضية المتضمنة أنها لعبة سياسية وحرب بيولوجية نهدف الى تحطيم اقتصاديات دول وهيمنة أخرى على الصعيد العلمي ،غير أننا لم نلحظ الدور الأساسي للسوسيولوجيا في فهم ديناميكية هاته الأزمة سواءا تحدثنا عن السوسيولوجية الأوروبية أم العربية وخاصة الجزائرية.لنقف أمام لحظات تساؤلية لفهم واستكشاف أزمة السوسيولوجيا والواقع المأزوم فهل هذا الإقصاء السوسيولوجيا ظل حبيس الدوغمائية في إعطاء الأولية للعلوم الدقيقة واعتبارها المخلص للمجتمع من براثن التخلف والدفع به لمواكبة الحداثة الكونية؟ أم ثنائية [مرض / صحة ] حصرا فقط على أهل الاختصاص ولا يحق للسوسيولوجي ممارسته بحثه في هذا المجال؟ أم أن السوسيولوجيا في الجزائر لازالت في طريق البحث عن ذاتها ولم تتأسس حتى في عمومياتها حتى تصل للتخصص ضمن حقل المخاطر والأزمات ؟
حيث يرى ريمون بودون في كتابه ”أبحاث في النظرية العامة في العقلانية العمل الاجتماعي والحس المشترك ” أنه لا يوجد أي انقطاع بين المعرفة الطبيعية ومعرفة الإنسان والسبب هو أن الهدف الأساسي الذي ترمي إليه العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعة هو تفسير الظواهر الني لا ندرك أسباب وجودها تلقائيا ،فبظهور فيروس الكورونا في الجزائر و بارتفاع إعداد المصابين يوميا يعيش المجتمع حالة من الخوف من الإصابة والتخويف الممنهج من خلال سن قوانين ردعية من البنى الفوقية هذا ما زاد من هلع الفرد الجزائري وعدم ثقته في إمكانات الدولة الجزائرية في منحه الأمن الصحي والمجتمعي ،رغم سن قوانين الحجر الصحي وغيرها لكن فقدانها لروح العقلنة في أبعادها الاجتماعية والسيكولوجية حالت بين ترسيخ الوعي الصحي فيخترق القانون وفق مبدأ كل ممنوع مرغوب هنا يكمن دور السوسيولوجي في أولا فهم تمثلات المجتمع للمرض ثم شرح والتعريف بالفيروس بالتعاون مع أطباء [ هنا نفتح القوس كبير في طرح استشكال أن يتقبل أن يشكل الطبيب والسوسيولوجي ثنائية تكاملية في شرح الفيروس وهذا نتيجة ترسيخ أولوية العلوم الدقيقة وأهميتها القصوى وتهميش واحتقار العلوم الاجتماعية من الجامعة إلى المهنة] بعدها طمأنة الفرد وشعوره بالأمان عن طريق توجيهات وطرق الوقاية من العدوى هنا فقط يمكن الحديث عن الوعي الصحي للمجتمع ،هذا من جهة من جهة ثانية كيف نضع في مقررات جامعية في تخصص علم الاجتماع مقياس علم الاجتماع المخاطر ونحن لم نستوعب بعد السوسيولوجيا في إطارها العام وليس لدينا استراتيجيات البعيدة المدى في مواجهة الأزمات المفاجئة وليس البحث عن الحلول الظرفية الترقيعية التي تزيد من تأزم الواقع.
فالحديث عن الكورونا أو ما بعد الكورونا يفتح مستجدات الاستفهامات وخاصة ما تعلق بثنائية [ الكوني /المحلي] في إعادة تموقع المجتمعات بمعايير خلفتها جائحة كوفيد 19. والتأكيد على سؤال الخصوصية الذي يعتبر محور التأسيس لعلم الاجتماع المحلي /الجزائري .
اترك تعليقاً