وسائــــــل الــــــغرب في تــكريــــــس سياســة الــــــــعداء…!
بقلم الاستاذ:- محمد عدنان بن مير
تتعد وسائل الغرب في تكريس سياسة العداء للحضارة الإسلامية شكلا و أسلوبا ومن ضمنها سياسة فرض أمر الواقع – القضية الفلسطينية- إذ يقف العالم الغربي بقيادة الولايات المتحدة داعما للكيان الصهيوني في صراعه مع الشعب الفلسطيني
بواسطة حصار مجحف ومحاولة رسم واقع وهمي مبني على تغيير الحقائق و الجغرافية للمنطقة الشرق الأوسط و الاقتطاع المزيد من الأراضي الفلسطينية وجعل من الشعب الفلسطيني الظالم و الكيان الصهيوني مظلوما و من ثم تغيير التحكم في الرأي العام العالمي وتوجيهه بما يخدم مصالح إسرائيل . لتصبح هي الضحية و صاحبة حق في نظر العالم
أو كما قال الشاعر محمود درويش :-
ربما يشتم شعبي طفل و طفلة
ومن ثم تجسيد المطامع اليهودية في إيجاد دولة إسرائيل وطمس معالم الحضارة الإسلامية هناك استنادا على العوامل الدينية و التاريخية وتهويد القدس .
بالإضافة إلى فرض العقوبات الجائرة و توجيه التهم الباطلة لكثير الأنظمة السياسية العربية و الإسلامية إذ نكون أمام تصادم وان لم يكن ملموسا فهو محسوس في كنف الماضي وملموس في ظل المعطيات الراهنة مما يفهم أسبقية الغرب في إثارة العداء للإسلام و حضارته وهذا راجع للأنانية الغربية و رفض الفكر الأخر سعيا للسيطرة والتحكم في سير العلاقات الدولية و مراكز القرار العالمي من خلال تحكم في الهيئات الدولية واستعمالها بما يخدم مصالح الغرب دون غيره وفي ذلك تهديد السلم العالمي و حرمان البشرية في التعايش السلمي .
فهناك حقيقة تاريخية لا يمكن نكرانها مفادها آن الغرب كان دائما سباقا إلى إثارة العداء و ممارسته و تعميقه تجاه الحضارة الإسلامية خاصة .
ويظهر تعميق الغرب للعداء تجاه الحضارة الإسلامية ما شهده العالم من أحداث استخدمت ظهرا يركب و ضرعا يحلب لاحتلال بلدان إسلامية وتمزيق البنية السكانية لها في محاولة لتغيير الخريطة السياسية و كأني بها سيكاسبيكو ثانية اشد وطئا من سابقتها .
و يتمرد الغرب المادي في تعميق منطق العداء للحضارة الإسلامية بين السخرية تارة و الانتقام المزعوم تارة أخرى فأما السخرية فكان منبرها الإعلام بتعدد وسائطه المكتوبة و المرئية .
و تجسد هذه السخرية بالرسومات الكاريكاتورية المسيئة لنبي الإسلام على صفحات المجلات الدنمركية سنة 2005 يولاند بوستن و مجلة شارلي أيبدو الفرنسية في فترات متعاقبة منذ 1970 و سنة 2014 يعد بمثابة إذكاء لنار العداء الساخر للحضارة الإسلامية و هو مايقف عائق أمام الحوار الحضاري .
إما الانتقام فيأتي كنتيجة حتمية لصناعة الإرهاب الذي ينعت به الغرب الحضارة الإسلامية .كما ستغل الغرب قضية المرأة بحيث بعمد الغرب إلى تنظير بان الإسلام قد قلل من شان المرآة ولم يعطيها حقوقها حيث يطرق موضوع الميراث وما فيه من تفاوت للأنصبة بين الذكر و الأنثى والدي فيه من حكمة ربانية نتيجة للتفاوت بين الفريقين في الأعباء و التكاليف المالية المفروضة على كلا منهما شرعا .
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ الاية11 من سورة النساء
و يعمد الغرب إلى مطية أخرى وهي مس مميزات المرأة المسلمة ألا و هو الحجاب فهاهي فرنسا التي تتغن ثورتها بالحرية و العدالة و المساواة مهدت لمنع الحجاب في مراسها العمومية بإصدار قانون منع الحجاب بتصويت (494 صوتا مقابل36صوتا و31 امتناع ) وتغض الطرف عن الرمز الديني اليهودي ويبدو جالبا هاهنا مبدأ تعميق العداء للإسلام و حضارته .
كما خطط الغرب إلى إلغاء التعليم الديني و تفريغ البرامج التعليمية والتربوية العربية من الصبغة الإسلامية ومست هذه الخطط دول إسلامية تحت طائلة إصلاح المنظومة التعليمية بطلب من دوائر غربية معروفة .
ورغم كل مايمارس علينا من ضغط يستهدف كياننا العربي الإسلامي كنا نمد أيدينا للحوار الحضاري بعيدا عن فكرة الضعف وإنما من منطلق عقيدتنا الإسلامية و ما تحتمه علينا من ضرورة المجادلة ودفع بالتي هي أحسن .
إذ الحوار قناعة راسخة في الفكر الإسلامي.
الــــــغرب يــــــــرفض وجـــــــود مــــنـافــــــــس له :-
تنادي الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة تغيير المناهج الدراسية وإفراغها من محتوى التصادم والتمييز بما يتوافق مع مبادئ السلم و العلمانية و المصالحة و التعايش مع الحركة الصهيونية والمغالين من المسحية و هي دعوة صريحة لمصادرة الوجود الإسلامي الذي ترى فيه أمريكا و الغرب عموما كما يقول الدكتور زكي ميلاد في كتابه ( الإسلام و الغرب )
” …انه ليس مجرد دين كالأديان التي نعرفها كالمسيحية و اليهودية و غيرها بل هو إلى جانب ذلك يمثل نموذج حياة للناس وان من يعتنقه يكتشف التحضر والتقدم من داخله فحين أن الغرب لا يرضى لنموذج أخر ينافسه …”
وإذ يعترف الغرب للحضارة العربية الإسلامية بالتحضر و التقدم دون إقراره مما يدفعه إلى محاولة طمس معالمها و إطفاء
نورها وتحويل وجهتها لكن هيهات أن يكون لهم ذلك. ونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) سورة الصف.
تعد الشريعة الإسلامية منهاج حياة الفرد بعيدا عن النزعة المادية و الأنانية الإنسانية لذلك يسعى الغرب إلى رفض وجودها حتى يسهل السيطرة العقول بإتباع أساليب ناعمة في ظاهرها و مدمرة في باطنها موجهة الأفراد و الجماعات دولا و مجتمعات إذ تولد هذه الأساليب من رحم الأنانية الغربية الرافضة لوجود قطب ثاني منافس . بحق تعد هذه الأساليب التي يسعى الغرب إلى تكريسها في ظل رفضه للحضارة الإسلامية و مبادئها أدوات بناء دكتاتورية جديدة تدعو إلى التطرف و تمزيق دول و بتالي إيجاد خريطة سياسية جديدة تتماشى و الأطماع الغربية وخلق كيانات سياسية في شكل تبعية ثقافية و اقتصادية و سياسية و تمزيق الروابط الاجتماعية و ما ينتج من عداء و فساد في جميع الأصعدة ثم يأتي الغرب في كل مرة يلعب دور المخلص المنتظر بحيث يوهم تلك الكيانات أو الدول و الجماعات التي تأن تحت وطأة الفساد و الإرهاب .
ونتيجة لذلك يكون الغرب قد احكم السيطرة على مفاصل ودواليب تلك الدول والإفراد و الجماعات التي أصابها الوهن و جرى فيها التفكك وينبري الفكر الغربي في التنظير لعداء ممنهج ضد الحضارة الإسلامية ومن اجل درء هذا العداء كان لازما علينا نحن العرب و المسلمين معرفة موقف الفكر الغربي من حضارتنا و تشخيص الداء ووصف الدواء يبقى ان نتسال في ظل رفض الغرب لوجود منافس له عن موقف الفكر الغربي من الحضارة الإسلامية حتى نتمكن من تقديم حضارتنا الإسلامية و العربية و مبادئها تقديما منهجيا ينفي عنها التهم ويجعلها مساهما في الحضارة الإنسانية باعتبارها داعية للتعايش السلمي و تقبل الطرف الأخر في إطار الاحترام و المصالح المشترك و الأمن القومي . إن رفض الفكر الغربي لوجود منافس له بنذر بناء أحادية قطبية لا يكون مداها بردا و سلاما على البشرية وتهديد للعلاقات الدولية و هومانراه اليوم جاليا من خلال حروب مزقت دولا وصراعات أنهكت البشرية .
اترك تعليقاً