إستراتيجيات وتطبيقات تربوية للتعلم المستند الى الدماغ
الدكتورة / سندس عزيز فارس الفارس -أستاذ جامعي
يقصد بالتعلم المستند الى الدماغ Concept of Brain – based learning• إنه التعلم الذي يحــــدث في صورة ترابطــــــات وتشابكات طبيعية داخل الدماغ ( صلاح عرفة ، 2006 ، ص288 ) .• كما يعّرف بأنه التعلم الذي يعتمد على نتائج أبحاث الدماغ الحديثة لدعم وتنمية وتحسين إستراتيجيات التدريس ، وهو مدخل لتربية شمولية يشير الى أن الدماغ يتعلم بصورة طبيعية ( تاج السر ، وإمام ، 2005 ، ص277-273 ) .ويعّرفه الباحث بأنه التعلم الذي يتضمن عمليات واعية وعمليات لا واعية ، وتطــــــوري ، ويُدعم بالتحدي ويكف بالتهديد ، ويتحقق في مواقف تعلمية – تعليمية لتحسين إستراتيجيات التدريس ويتطلب بيئة محفزة تساعد الطلاب على تشكيل المزيد من الإتصالات العصبية في الدماغ مما يحقق التكامل الوظيفي بتعزيز التعلم الجديد والتوسع فيه لاحقاً .• كما ويعرّف الباحث التعلم المستند الى الدماغ إجرائياً : بأنه نظام شامل للتعليم والتعلم يتضمن مجموعة إجراءات تنفيذية منسجمة مع الدماغ لتوفير خبرات معرفية متوافقة مع دماغ الطلاب في هذه المرحلة العمرية التي تمكنهم من المعالجة النشطة والإسترخاء كمحاولة لإزالة الخوف أو التهديد وتكوين الترابطات وبناء المعرفة التي تمر بخمسة مراحل : الإعـــــداد ، إكتساب المعلومات ، التفصيل ، تكوين الذاكرة ، والتكامل الوظيفي.
أما عن نظرية الدماغ :تناولت العديد من النظريات أنشطة الدماغ وعلاقتها بالتعلم من جوانب مختلفة ، مثل نظرية الدماغ الثلاثية Triune Brain لماكلين Maclean عام 1952 . التي إفترضت وجود ثلاثة أدمغة متداخلة ، وفي كل جزء يتم التعلم بطريقة معينة ، فهناك الدماغ العقلاني ( التبريري ) ، والدماغ المتوسط ، والدماغ الفطري . وتتمثل مبادئ التعلم المستند الى الدماغ بالآتي :• الدماغ جهاز حيوي ، والجسم والدماغ وحدة دينامية واحدة .• الدماغ إجتماعي ويتأثر بالبيئة الخارجية ، وبمن يتفاعلون معه .• البحث عن معنى فطري .• البحث عن المعنى يتم من خلال التنميط والبحث عن التشابهات والإختلافات والمقارنات وتصنيف الأشياء .• الانفعالات حاسمة من أجمل التنميط، حيث لا يمكن فصل الانفعالات عن التفكير.• يدرك كل دماغ الكل بشكل متزامن ويبدع الأجزاء.• يتضمن التعلم دائماً عمليات واعية وعمليات لا واعية.• لدينا على الأقل طريقتان لتنظيم الذاكرة.• يدعم التعلم المعقد بالتحدي ويكف بالتهديد .• كل دماغ منظم بطريقة .إن كل مبدأ من هذه المبادئ يمكن أن يتحقق في مواقف التعليم والتعلم ، وهذا بطبيعة الحال يتضمن تبني إستراتيجيات تدريسية تتناغم مع مبادئ التعلم المستند الى الدماغ مثل إستراتيجية ( العصف الذهني ) . وبخصوص إستراتيجيات التعلم المستند الى الدماغ: أن تكوين بيئة التعلم المستند للدماغ يتطلب العديد من الإستراتيجيات التعليمية منها :❖ أستخدام أساليب وطرق تعلم متنوعة لجذب إنتباه الطلاب من مختلف الأنماط ( سمعي ، بصري ، وحركي ) .❖ خرائط العقل : ينبغي على المعلم تدريب طلابه على إعداد الخرائط العقلية .❖ العمل في مجموعات صغيرة تعاونية: بحيث يقوم المعلم بتقسيم المهام على أفراد المجموعة.❖ كتابة الملاحظات: ينبغي للمعلم أن يعطي الفرصة للمتعلم بتدوين ملاحظاته بالطريقة المناسبة ممـــــا يساعد في سهولة حفظه للمعلومات وتذكرها وتطويرها وتعزيزها بمعلومات جديــــدة.❖ الأنشطة البدنية .❖ إعطاء فترة راحة.❖ المراجعة : ينبغي على المعلم تدريب طلابه على المراجعة بعد الإنتهاء من كل جزء بالدرس ومراجعته كاملاً بعد الإنتهاء منه لتثبيت المعلومات في أذهانهم .❖ العصف الذهني: يطرح المعلم على طلابه العديد من الأسئلة المتعلقة بالموضوع ومن ثم يستجيبوا بأكبر عدد من الإجابات، وبالتالي تكون الإجابات أساس للكشف عند مدى معرفتهم بالموضوع وعمق تفكيرهم. ويمكن الإشارة الى : التعلم التعاوني كاستراتيجية معتمدة على التعلم المستند الى الدماغ :إذ أثبتت الأبحاث أن الدماغ له طبيعة اجتماعية وأن العلاقات الأجتماعية تؤثر على خبرات المتعلم وبناءً على ذلك فإن خبرات التعلم الدماغي تكون تعاونية ، والتعلم التعاوني مطلوب لنمو الدماغ حيث نتعلم من خلال الإتصال بالآخرين ونتفاعل معهم ونتبادل الخبرات والأفكار ، كما أنه من المهم أن يتدرب الدماغ على التفكير وحل المشكلات ، لأن نموه يحدث نتيجة التفكير وليس حصوله المباشر على المعلومة .وقد عرّفت الدراسات التعلم التعاوني على أنه إستراتيجية تدريس تتضمن وجود مجموعة صغيرة من الطلاب يعملون سوياً بهدف تطوير الخبرة التعليمية لكل عضو فيها الى أقصى حد ممكن . وتورد بعض الدراسات التعريف التالي للتعليم التعاوني بأنه إستراتيجية تدريس تتمحور حول الطالب حيث يعمل الطلاب ضمن مجموعات غير متجانسة لتحقيق هدف تعليمي مشترك. أما بعض البحوث فتعرّف التعلم التعاوني هو بيئة تعلم صفية تتضمن مجموعات صغيرة من الطلاب المتباينين في قدراتهم ينفذون مهام تعليمية ، وينشدون المساعدة من بعضهم البعض ، ويتخذون قرارهم بالإجماع . وفي ضوء هذه التعريفات السابقة فإن التعلم التعاوني هو : أسلوب يعمل فيه الطلاب في مجموعات صغيرة داخل حجرة الصف تحت إشراف وتوجيه المعلم ، تضـم كلاً منها مختلف المستويات الطلابية ( عالي – متوسط – متدن ) يتعاون طلاب المجموعة الواحدة في تحقيق هدف أو أهداف مشتركة لزيادة تعلمهم ، وتعليم بعضها بعضاً ، وفي مجموعة التعلم التعاونية يتم تعيين قائد وهو المسؤول عن مجموعته وعن إكمال المهمة بخلاف التعلم التقليدي يتجه اهتمام الطلاب فقط نحو إكمال المهمة الخاصة بهم . وفي التعلــــم التعاوني يتم تعزيز المهارات الإجتماعية كالقيـــــادة ، بناء الثقة ، مهارات الإتصال ، فن حل خلافات وجهات النظر والتي يفترض وجودها عند الطلاب ، وغالباً لا تتواجد تلك المهارات في التعلم التقليدي ، وفي التعليم التقليدي لا يهتم المعلم في تحديد الإجراءات والمهام للمتعلمين في طرق التعليم التقليدية . أما التعلم التعاوني فأنه مبني على المشاركة الإيجابية بين أعضاء كل مجموعة تعلم تعاونية مع توجيه المعلم لتلك المجموعات حيث تظهر وبصورة واضحة مسؤولية كل عضو في المجموعة تجاه بقية الأعضاء . فبمجموعة التعلم التعاوني يتباين أعضاؤها في القدرات والسمات الشخصية ، ويؤدي كل الأعضاء أدواراً قيادية ومهارات تفكير عليا تستهدف الإرتقاء بتحصيل كل عضو الى الحد الأقصى إضافة الى الحفاظ على علاقات عمل متميزة بين الأعضاء في مجموعات التعلم التعاوني ليتم إكساب الطلاب المهارات الإجتماعية ومهارات التفكير التي يحتاجون إليهـــــــــــــا بالقيـــــــــــادة ، وبنـــــــاء الثقـــــــــــــــة ، ومهارات الإتصــــــال ، وفن حــــــــــل خلافــــــــات وجهــــــــات النظـــــــر. وتقسم مراحل التعلم المستند الى الدماغ كالآتي:
• المرحلة الأولى : الإعداد Preparationيتم فيها إعطاء فكرة عامة عن الموضوع ، ويكون لخبرة المتعلم السابقة عن موضوع التعلم أهمية في عملية إكتساب وتعلم الخبرة الجديدة .• المرحلة الثانية : الإكتساب Acquisition :وهي عبارة عن تشكيل ترابطات عصبية بين الخبرة السابقة والجديدة .• المرحلة الثالثة : التفصيل أو الإسهاب : Elaborationويتم فيها إدماج الطلاب في الأنشطة التعليمية من أجل فهم أعمق وتغذية راجعة ، للتأكد من أن الدماغ يحافظ على الترابطات الجديدة ، مما يعطي الدماغ الفرصة للتصنيف والتحليل وتعميق التعلم• المرحلة الرابعة : تكوين الذاكرة Memory Formation :وفيها يتم تقوية التعلم وإسترجاع المعلومات من خلال الراحة الكافية والتغذية الراجعة والتعلم القبلي مما يساعد على عمق المعالجة الدماغية والتعلم الأفضل .• المرحلة الخامسة : التكامل الوظيفي Functional Integration :يتم في هذه المرحلة أستخدام التعلم الجديد بهدف تعزيزه لاحقاً والتوسع فيه . أما عن التطبيقات التربوية للتعلم المستند الى الدماغ:
يعمل التعلم القائم على الدماغ على تسريع عملية التعلم Accelerating Learning وتوفير وسيلة للوصول الى النتائج وبقاء أثر تعلمها ، فإثراء بيئة التعلم تعمل على زيادة عمليات التعلم ، وتعمل على زيادة الشبكات العصبية Neuroses nets كما إنها تدعم الفهم وإثارة الدافعية ، وتساعد في تنمية وإكتساب المعارف لمنخفضي التحصيل ومنخفضي المهارات المعرفية Cognitive Skills ، ويركــــــــز التعلـــــــــم علـــــــــــى العمليــــات المعرفيـــــــــــــة كالانتباه والذاكـــــــــرة ، كمــــــا يهتــــــــم بالبيئــــــــــة المحيطة ( Byrnes , 2001 , p.44 ) .وعلى المعلم القيام بتوفير الفرص الكاملة لإشراك الطلاب معاً لتنفيذ موضوعات إبتكارية ، يتم في جو من الهدوء والراحة بعيداً عن مخاوف الطلاب ، وتوفير مواقف تعليمية تسمح بإزالة المخاطر والإرتباك خوفاً من الفشل ويدرب الطلاب على تعميم المعلومات المكتسبة ( شعبان ، 2015 ، ص31-30 ) . وفي ضوء ما سبق ينبغي على مدرس الرياضيات تحوير المحتوى الدراسي الى مشكلات رياضية ومواقف تتحدى أدمغة الطلاب فتجعلهم في حالة يقظة وإنتباه ، وتدربهم على إكتساب المعارف بطريقة ذات معنى ، مما يساهم في تكوين شبكات عصبية تعمل على زيادة مرونة الذهن المعرفية والتفكير في الاتجاه الكلي والقدرة على إكتشاف المغالطات الرياضية والإستنتاج الرياضي .
المصادر : ١- تاج السر الشيخ، إمام عبد الرحيم. ( 2005 ). نموذج مقترح قائم على نظرية التعلم المستند الى الدماغ. مجلة كلية التربية بجامعة الأزهر، ع13. ج1. ص273-311 . ٢. صلاح الدين عرفة محمود. ( 2006 ). تفكير بلا حدود رؤى تربوية معاصرة في تعليم التفكير وتعلمه. عالم الكتب .٣. شعبان عبد العظيم أحمد. ( 2015 ). فاعلية إستراتيجية مقترحة قائمة على تشغيل جانبي الدماغ لتدريس علم النفس في تنمية مهارات التفكير المنظومي وبعض المهارات الحياتية وإختزال القلق لدى طالبات المرحلة الثانوية. دراسات عربية في التربية وعلم النفس، ع60 ، ج2، 2015، ص87-17.4- Byrenes, J ( 2001 ). Minds , Brain and learning. New york : The Guiford press .
اترك تعليقاً