تقرير بيلر- أزمة البيئة وتغير المناخ في النصف الثاني من العام 2021
الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030: العمل المناخي
ليس هناك بلد في العالم لا يعاني بشكل مباشر من الآثار الخطيرة الناجمة عن تغير المناخ. ولا تزال انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في ارتفاع، فهي اليوم أعلى بنسبة 50 في المائة من مستوياتها في عام 1990. وعلاوة على ذلك، يسبب الاحترار العالمي تغييرات طويلة الأمد في نظامنا المناخي، مما يهدد بعواقب لا رجعة فيها إذا لم نتخذ اليوم ما يلزم من إجراءات التخفيف والتكيف.
ويبلغ متوسط الخسائر السنوية الناجمة عن الزلازل وأمواج تسونامي والأعاصير المدارية والفيضانات والحرائق مئات المليارات من الدولارات، وهو ما يتطلب استثمارات قدرها 6 مليارات دولار سنويا في مجال إدارة مخاطر الكوارث وحده.
موجة حر غير مسبوقة
في نهاية حزيران الماضي، ضربت غرب كندا موجة حر غير مسبوقة ناجمة عن ضغوط عالية تحبس الهواء الساخن. وسجلت البلاد درجات حرارة قياسية مرات عدة بلغ آخرها 49,6 درجة مئوية في قرية ليتون في 30 حزيران. كما تأثرت بتلك الموجة ولايتا واشنطن وأوريغون الأميركيتان. وحسب الإحصائيات فإن هناك مئات الوفيات على الأقل.
وتُعتبر هذه الموجة الحارة “مستحيلة تقريبا” لولا الاحترار الذي تسبب به أفعال الانسان، وفقا لعلماء من تجمّع “World Weather Attribution”. ووفقًا لهم، فإن تغير المناخ جعل هذا الحدث أكثر احتمالًا بما لا يقل عن 150 مرة.
أمطارٌ غزيرة في الغرب الأوروبي
في 14 و15 تموز، قتلت فيضانات كبيرة 209 أشخاص على الأقل في ألمانيا وبلجيكا بالإضافة إلى فقدان عشرات آخرين. واجتاحت السيول عشرات المناطق المأهولة.
وفي تصريح للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وصفت الأضرار التي تسببت بها الفيضانات في غرب ألمانيا بأنها “مخيفة” و”تفوق التصور”. كما دعت إلى الإسراع في مكافحة التغير المناخي، مشيرة إلى أن الأضرار الناجمة عن الظواهر الجوية القصوى “أكبر مما كانت عليه في الماضي”.
فيضانات في الصين
وفقًا لتقرير التلفزيون الوطني الصيني، ضربت وسط البلاد فيضانات أسفرت عن مقتل 58 قتيلا، وفقدان 5 أشخاص منذ 16 تموز. كما تضرر أكثر من 9.3 ملايين شخص جراء هذه الفيضانات، فيما تم إجلاء أكثر من 1.1 مليون آخرين إلى أماكن أكثر أمانا، بحسب تقرير وكالة “شينخوا” الصينية.
ووفقًا لإحصائيات وكالة “Global Times”، تشير الأرقام الرسمية إلى أن الفيضانات أدت إلى تضرر مساحات من المحاصيل الزراعية تبلغ نحو 215 ألف هكتار، فيما تسببت في خسائر اقتصادية تقدر بحوالي 1.22 مليار يوان (188 مليون دولار). ووفقًا لمكتب الأرصاد الجوية في “تشنغتشو”، تم تسجيل معدلات مطرية بلغت 617 ملم في المنطقة، وهو أعلى رقم مسجل منذ 60 عاما.
الحرائق في الغرب الأمريكي
بدأ موسم الحرائق في الغرب الأميركي مدفوعا بالجفاف، حيث اندلعت ثمانية حرائق خلال أربع وعشرين ساعة فقط حتى ارتفعت إلى حوالي 80 حريقا ضخما. ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن المركز الوطني للمعلومات، فقد أتت الحرائق حتّى الآن على 4680 كيلومتراً مربّعاً.
روسيا تخسر نحو 1.5 مليون هكتار من الغابات بسبب الحرائق
عانت روسيا من حرائق الغابات على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، بسبب الاحتباس الحراري والتغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة الملحوظ بها، إضافة إلى إهمال قواعد السلامة العامة والنقص في البنى التحتية.
وقد أدى التغير المناخي الذي أصاب العالم هذا العام إلى احترق أكثر من 700 ألف هكتار من الغابات في منطقة ياكوتيا في سيبيريا مع استمرار حرائق الغابات في شمال شرق روسيا، غير أن التقديرات تشير إلى تدمير نحو 1.5 مليون هكتار على صعيد البلاد. ويتوقع الخبراء بأن الوقت لن يتحسن حتى منتصف شهر آب.
حرارة سطح الأرض في تركيا وقبرص
وفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية في الثاني من آب، تجاوزت درجة حرارة سطح الأرض 50 درجة مئوية في قبرص وتركيا للمرة الثانية خلال شهر. وتسببت حرائق الغابات التي اعتبرت الأسوأ منذ عقود، في اشتعال مساحات شاسعة من سواحل تركيا على البحر المتوسط وبحر إيجه. وبحسب تصريح علماء من اليونان فإن موجة الحر القياسية هناك مرتبطة بظاهرة تغير المناخ.
تستخدم التوقعات الجوية درجات حرارة الهواء المتوقعة، فالقمر الاصطناعي كوبيرنيكوس سنتينل-3 التابع لوكالة الفضاء الأوروبية يقيس الكمية الحقيقية للطاقة المنبعثة من الأرض ويعطي درجة الحرارة الحقيقية لسطح الأرض.
وتختلف درجات حرارة سطح الأرض، وغالبا ما تكون أكثر تطرفا، عن درجات حرارة الهواء التي يتم تضمينها في تقارير الطقس. وتصفها وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بأنها “مدى سخونة” سطح “الأرض عند لمس موقع معين.
حرائق الجزائر
تشهد الجزائر موجة حارة، ويتوقع ارتفاع درجات الحرارة لتصل إلى 46 درجة مئوية. فقد أدى التغير المناخي إلى تزايد مخاطر ارتفاع درجات الحرارة ومعدلات الجفاف، مما يساعد في اندلاع وانتشار النيران في الغابات والأحراش الجافة في المنطقة.
وفقًا لأحدث الاحصائيات لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، نشب أكثر من 100 حريق في 17 ولاية جزائرية. مما أنتج عن استشهاد 25 فردا من أفراد الجيش الوطني الشعبي الجزائري، بعد أن نجحوا في إنقاذ أكثر من مائة مواطن من النيران الملتهبة، بجبال بجاية وتيزي وزو.
العالم، إلى أين؟
أورد تقرير علمي للأمم المتحدة، للشهر الحالي، آب 2021 أن النشاط البشري يغير المناخ بطرق غير مسبوقة وأحيانًا لا رجعة فيها. وحذرت الدراسة المهمة من موجات الحر الشديدة المتزايدة والجفاف والفيضانات، وارتفاع درجة الحرارة بمعدلات أكبر خلال ما يزيد عن عقد من الزمان.
وفي هذا الصدد يجب أن تتواكب جهود عون المناطق الأكثر عرضة للخطر، مثل البلدان التي لا تمتلك منافذ ساحلية والدول الجزرية، على التكيف مع تغير المناخ مع الجهود الرامية إلى إدماج تدابير الحد من مخاطر الكوارث في الاستراتيجيات الوطنية. ومع توافر الإرادة السياسية ومجموعة واسعة من التدابير التكنولوجية، لا يزال بالإمكان الحد من الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية إلى درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وهذا يتطلب إجراءات جماعية عاجلة من قبل كل دول العالم. فالعلماء يقولون إنه يمكن تجنب كارثة إذا تحرك العالم بسرعة.
حقائق وأرقام وفقًا للموقع الرسمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي
- اعتبارًا من عام 2017، يُقدر أن البشر قد تسببوا في ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.0 درجة مئوية تقريبًا عن مستويات ما قبل الصناعة.
- ارتفع مستوى سطح البحر بحوالي 20 سم (8 بوصات) منذ عام 1880، ومن المتوقع أن يرتفع 30-122 سم (1 إلى 4 أقدام) بحلول عام 2100.
- للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، يجب أن ينخفض صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم بنسبة 45٪ بين عامي 2010 و2030، ويصل إلى الصفر في حوالي عام 2050.
- يؤدي العمل المناخي الجريء إلى توفير 26 تريليون دولار أمريكي على الأقل من الفوائد الاقتصادية بحلول عام 2030.
- تغطي تعهدات المناخ بموجب اتفاقية باريس ثلث تخفيضات الانبعاثات اللازمة لإبقاء العالم أقل من درجتين مئويتين.
- سيوفر قطاع الطاقة وحده حوالي 18 مليون وظيفة إضافية بحلول عام 2030، مع التركيز بشكل خاص على الطاقة المستدامة.
-قسم الدراسات والإعلام.
اترك تعليقاً