كلمة مدير مركز بيلر في المُلتقي الدولي: العُنف الأُسري
د .نيرمين ماجد
لأنني أحب أن اسمي الأسماء بمسمياتها الصحيحة، فإنني أميل إلى استخدام مصطلح الاعتداء لا العنف فيما يتصل من أعمال مسيئة أو من استبداد يلحقه أحد أطراف الاسرة بالآخر، والآخر قد يكون الزوج قبل الزوجة، وقد يكون الأب قبل الابناء، وقد تكون الأخت أو البنت، وهو في النهاية بمجموعه ومهما تعددت أسبابه، يعد خرقاً للحقوق الإنسانية، واعتداء سافراً غير مبرر على النفس الإنسانية.
أخطر ما في الاعتداءات التي تحدث في المحيط الأسري، أنها تترك ظلالاً وآثاراً جسيمة في النفس تنعكس على سلوك الأفراد في مجتمعاتهم، وهي ترفع درجة التوتر في العلاقات بين البشر، على أن هناك الكثير من الأسباب النفسية التي تتسبب في هذه الاعتداءات، وهنا يأتي واجب الدولة ومؤسسات المجتمع المدني لعلاج هذه الظاهر في مهدها قبل استفحال الحالات وارتكابها لأفعال تتجاوز الاعتداء الجسدي المحدود إلى القتل أو تشويه الجسد والتسبب في إعاقات يصعب علاجها.
وهناك آثار اقتصادية لا اجتماعية فقط يتحمل آثارها المجتمع، إضافة إلى ضرورة الأخذ بردود أفعال الضحايا التي قد تكون أخطر من فعل من ارتكب الجرم.
لا شك أن المرأة والأطفال هما من أكثر الشرائح تعرضاً للعنف والاعتداء على إنسانيتهم وحقوقهم، والنسب المئوية التي تعلنها المنظمات الدولية بهذا الخصوص مرعبة، على أن العنف ليس ثقافة محلية مقتصرة على شعب دون الآخر، أو على شريحة من الناس بالضرورة، وهو ليس مرتبط بدين ولا جغرافيا، ولا بدول متقدمة وأخرى نامية أو قليلة النمو، ففي الولايات المتحدة الأميركية وحدها سجلت عام 1998 ما يزيد عن 876 جريمة عنف ضد المرأة من أزواجهن الحاليين أو السابقين، أو أصدقائهن الحميمين، ووفقاً لمراكز مكافحة الأمراض وجد أن 4.8 مليون امرأة عانين في سنة واحدة من اعتداءات جسدية أو اغتصاب من قبل شريك حميم، فيما وجد أن الرجال هم أقل الشرائح إبلاغاً عن الاعتداءات التي يتعرضون إليها.
العنف ظاهرة إنسانية لا يمكن أن تتوقف، ولكن يجب السيطرة عليها لتقليل معدلاتها التي تأخذ في الارتفاع بسبب مستجدات ترتبط بطبيعة الحياة والصعوبات التي يواجهها البشر نتيجة الحروب والفقر والبطالة والديكتاتورية، وأما اجتثاث العنف من أساسه فهي فكرة حالمة يعد بلوغها أمراً مستحيلاً.
اترك تعليقاً