التأخر الدراسي ……ظاهرة على المحك !!!!
د.ياسمين عليان
تعد مشكلة التأخر الدراسي مشكلة تربوية اجتماعية ونفسية يعاني منها التلاميذ ويشقي بها الاباء في المنازل , والمعلمون في المدارس ,وهى من أهم وأخطر المشكلات التي تشغل بال المهتمين بالتربية والتعليم في العالم , لأنها تحدد إمكانيات الدول المادية والبشرية.
والتأخر المدرسي هو حالة تأثر أو تخلف او نقص او عدم اكتمال النمو التحصيلي, يعاني منها كل المجتمعات سواء كانت هذه المجتمعات متقدمة او متأخرة , لكنها تختلف من مجتمع لأخر من حيث الشكل والمستوي الذي تظهر فيه, ومن حيث الحدة التي تبرز بها وايضا من حيث الطرق والاساليب التي تعالج بها وهي نتيجة عدة عوامل عقلية او جسمية او انفعالية او اجتماعية بحيث ينخفض نسبه التحليل دون المستوي العادي المتوسط في حدوث انحرافين معيارين سالبين, وتنتشر هذه المشكلة بشكل اكبر في مرحلة التعليم الابتدائي على وجه الخصوص وذلك بحكم استيعاب هذه المرحلة معظم لمعظم الاطفال التي تتراوح اعمارهم ما بين الست الى سبع سنوات حيث يوجد بين هؤلاء الاطفال نسبه لا باس بها من المتأخرين دراسيا.
فنجد الكثير من الاهالي يهتمون فقط بالتحصيل الدراسي لأبنائهم باعتباره هو معيار الحكم والفيصل الوحيد للحكم على الذكاء وهو المؤشر الفعلي لمستقبل مشرق واعد , فيشعر الاهالي بخطورة حالة ابنائهم خوفا من عدم اجتيازهم المرحلة او المرحلة الأخرى المتقدمة او خوفا من تراجعهم المفاجئ بالدراسة فيلجأ بعض الاهالي بنقل ابنائهم الى مدارس خاصة أو مدارس تتناسب مع قدراتهم العقلية .
فلا بد للإشارة الى التمييز ما بين التأخر الدراسي والتخلف العقلي لان الكثير من الاهالي يخلطون ما بين الحالتين , فالتخلف العقلي هو ان يكون عمر الفرد العقلي اقل من عمره الزمني بالنسبة لزملائه من نفس العمر ، أما التأخر الدراسي هو رسوب المتكرر للطفل في المرحلة الدراسية وترجع لعدة أسباب وظواهر متعلقة بالطفل المتأخردراسيامثل:أسبابعقليةمتمثلة بانخفاض في مستوى الذكاء العام للطفلوعدم القدرة على التركيز والانتباه وضعف الذاكرة والاستنتاج والاستيعاب والفشل في الانتقال المنظم من فكرة لأخرى , وأسباب جسمية مثلاضطراب النمو الجسمي والصحة العامة, ووجود بعض العاهات كطول البصر وقصره وعمى الألوان واضطرابات السمع فيصعب عليه مواصلة العلم سمعيا وبصريا,واضطرابات النطق و كالتأتأة واللجلجة واللثغة والبطء في الكلام فيصعب عليه الكلام واضطراب الغدد والأمراض المزمنة مثل الأنيميا والصرع , مما تجعلهم في حالة ضعف عام وقلة حيوية وقلة نشاط وتسبب بإجهاد الطفل وتوتره والكسل ، الحركات العصبية مما يعوقهم من الانتظام بالدراسة.
وهناك اسباب نفسية واجتماعية مثل العاطفة الغير متزنة والخجل والقلق والخوف والخمول وعدم الاستقرار والحرمان والشعور بالذنب والانطواء والخوف وشرود الذهن والاستغراق في أحلام اليقظة والحقد والصراع والعدوانية اللاشعورية اتجاه الوالدين أو أحدهما كره المدرسة والمدرس والمواد الدراسية ودخول الطفل في مرحلة المراهقة تغرقه في أحلام اليقظة والتفكير في المغامرات فيصعب عليه التركيز والاستذكار وتجعل قدرته محدودة في التكيف مع المواقف الاجتماعيةوالانسحاب والانطواء على الذات, واسباب اسرية مثل انفصال أحد الوالدين أوكليهما عن الطفل والتفرق ما بين الابناء وسوء المعاملة التربوية والعنف الأسري ,و يمثل التأخر الدراسي المفاجئ كعقوبة يفرضها الطفل عليهما تجعل الطفل في حالة تشتت زهني وفاقد للأمان وفي حالة اضطراب عاطفي وعدم استقرار للاستذكار ، والإهمال والدلال الذائد للطفل ينعكس على الطفل بالغرور والعناد والتمرد على الأهل فيستخدم التأخر الدراسي ورفض المدرسة مصدر عقوبة يفرضها الطفل على والديه لفرض زيادة الاهتمام ،وعدم اهتمام الأسرة بالتعليم يقتل دافعية للتعلم ،وعمل التلميذ لمساعدة أسرته الفقيرة يضطر للتغيب المتكرر وبالتالي يصعب عليه ملاحقة استذكار مواد الدراسية وأسلوب الأهالي في تجاهل أسباب التأخر الدراسي لأبنائهم والفروق الفردية في القدرات أو أن طفلهم لديه مشاكل فيضغطوا بشكل متواصل على الطفل فيكون على حسابصحته الجسمية والنفسية ،بالإضافة لتجاهل الأهالي ميول واتجاهات أبنائهم الدراسية فيكون الضغط عليهم بكل الوسائل لرفع مستوى التحصيل للحصول على معدل يدخلهم كلية مثل كلية الطب والتي تلبي رغبة الأهل وليس الطالب. وهناك اسباب تتعلق بالمدرسة مثل كره الطفل للمعلم وأسلوبه وعقابه وكره للمواد الدراسية الجامدة والواجبات الكثيرة ، ممايتسبب بالغياب المتكرر ، وتنقل الطالب من مدرسة لأخرى وعزل المتأخرين دراسيا في فصول مستقلة بهدف إعطائهم جرعات مركزة من المعلومات ليلحقوا بزملائهم تزيد من درجة تخلفهم الدراسي لأنها تقتل روح المناقشة فمع من سيتنافسون فجميعهم من نفس الدرجة فتزيد من مشاكلهم النفسية والاجتماعية فيشعرون بخيبة الأمل وبالقصور والدونية.
لذلك فإن مشكلة التأخر الدراسي لا ينبغي معالجتها على أنها ظاهرة واحدة ، ولكن ينبغي معالجتها على أنها نتيجة واحدة لأسباب وظواهر متعددة ويجب أن نعالج الأسباب أولا على كل حده، ويظل السؤال قائما هل الاختبارات التحصيلية مقياس للفشل الدراسي ؟ وهل الاختبارات التحصيلية مقياس لمواهب وميول أبنائنا ؟ وهل هي المقياس الذي سيحدد مستقبل أبنائنا؟ اذن فلنرحب بضحايا جدد على قائمة الفاشلين دراسيا كأنشتاين وأديسون وغيرهم من واضعي بصمة في تاريخ التطور العلمي .
اترك تعليقاً