إقتصاد اللاجئين وإعادة بناء الحياة
اقتصاد اللاجئين وإعادة بناء الحياة
د. علاء رزق
رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام
يحتفل العالم في هذا الشهر من كل عام بيوم اللاجئ العالمي والذي كان أول إحتفال في 20 يونيو عام 2001 بمناسبة الذكرى الخمسين على إتفاقية عام 1951 والمخصصة كيوم للاجئ الإفريقي ،ليخصص بعد ذلك فى عام 2000 كيوما عالمياً للاجئين ،يهدف هذا اليوم إلى تكريم الأشخاص المجبرين على الفرار من ديارهم ،مع التأكيد على إدماجهم إقتصاديا واجتماعياً، وتعزيز الحلول لمعالجة محنتهم ، أيضاً تسليط الضوء على عزيمة وشجاعة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم هرباً من الصراعات أو الإضطهاد، كذلك حشد التعاطف والتفهم لمحنتهم والإعتراف بعزيمتهم من أجل إعادة بناء حياتهم لكن الأهم في هذا الأمر هو أن هذا اليوم يهدف إلى تجديد تعبئة الإرادة السياسية والموارد حتى يتمكن اللاجئون من النجاح وليس فقط النجاح.وما نؤكد عليه أن ظاهرة اللجوء أصبحت ظاهرة عالمية تؤثر على حالات الملايين ،ووفقا لآخر إحصائية قدر عدد اللاجئين حول العالم في عام 2023 إلى أكثر من 100 مليون نسمة،المشكلة تتعاظم أكثر في أن نصف هذا العدد من الأطفال، ومصر تعتبر من أكثر الدول إحتضانا للاجئين ، حيث تحتضن أكثر من 10 مليون من اللاجئين، إدراكا منها على التأكيد على مسؤولية المجتمع الدولي في مساعدتهم، والعمل على إعادة بناء حياتهم، مع التأكيد على ضرورة التركيز على بناء إقتصاد اللاجئين ،وبمعنى آخر كيف يدير مجتمع اللاجئين موارده المحدوده لتشمل مختلف الأنشطة الإقتصادية من الإنتاج ،والتبادل التجاري والتمويل، والاستهلاك وغيرها؟ وذلك بهدف تغيير الصورهدة النمطية عن الحياة الإقتصادية للاجئين،مع تقليل الإدعاءات التي تزعم ان اللاجئين عاده ما يمثلون عبئا على الدول المضيفة، وبالتالي فإننا نرى أهم التحديات القائمة حالياً حول قضية اللاجئين هي ضرورة تشجيع الدول المضيفة على دمجهم في مجتمعاتهم الجديدة ،مما يعود بالمصلحة حتما على إقتصادات هذه الدول عبر تقديم أفكار جديده تساعد على تحويل التحديات الإنسانية الحالية إلى فرص مستدامة والسؤال الذي يطرح نفسه حالياً هو،هل بإستطاعة اللاجئين تقديم مبادرات إقتصادية إيجابية للمجتمعات المضيفه في ظل وجود خمسة إعتقادات شائعة قد تكون خاطئة ولكنها قد تكون لها الدور في تثبيط إستطاعة اللاجئين تقديم مبادرات إقتصادية إيجابية للمجتمعات المضيفه، والمعتقدات الخمس الشائعة التي قد تكون خاطئة هي أن الحياة الإقتصادية للاجئين منعزلة عن الدولة المضيفة،وأنهم يعيشون في مناطق محددة أو نائية،او معزولة ،وبالتالي هم يعيشون في مجموعات إجتماعية واقتصادية مغلقة، ولكن الواقع عكس ذلك ففي مصر مثلاً يقوم اللاجئون بالتبادل التجاري بشكل يومي مع مختلف الأعراق والديانات، أيضاً من ضمن الإعتقادات الشائعة أن اللاجئين يمثلون عبء على الدولة المضيفة إقتصاديا واجتماعياً ،ولكن الواقع أنهم قد يساهمون بشكل إيجابي في إقتصاديات الدول المضيفة انطلاقاً من المبدا الإقتصادي العبء مقابل المنفعة، كذلك من ضمن الإعتقادات الشائعة أن اللاجئين متجانسون من الناحية الاقتصادية ،وهذا أمر قد يكون غير صحيح أيضاً ، كذلك من المعتقدات الشائعة أن اللاجئين اميون من الناحية التكنولوجية وهو أمر نسبي يختلف من دولة إلى أخرى حيطسب درجة تقدمها التكنوجى ، أخيراً يعتمد اللاجئون على المساعدات الانسانية من مجتمع المانحين الدوليين، لكن الواقع يشير أن لدى كثير من اللاجئين الطرق الابداعية والمشاريع الريادية التي تمكنهم من الوصول الى سبل العيش المستدامة. وبالتالي فإن رؤية ومنهجية الدولة المصرية تمثل نموذجا عالمياً في كيفيه تقديم التسهيلات اللازمة لمنح اللاجئين مساحة أكبر من الحرية فى الحركة، والحق في العمل، والدعم في السعي وراء فرصهم الاقتصادية الخاصة. كما أن مصر تمثل نموذجاً عالميا فى تحقيق قدرة اللاجئين على الإندماج وهو المبدأ الذي لم تستطع كثير من دول العالم تحقيقه، حيث أظهر إستطلاع واسع للراي اجرته شركه ابسوس مع المفوضية السامية للأمم المتحدة شملت أكثر من 52 دولة أن أقل من 50% من هذه الدول إختلفت في القدرة على إندماج اللاجئين وحصولهم على حقهم الكامل في التعليم على سبيل المثال. وبذلك تؤكد الدولة المصرية أنها تنتقل بالفعل من عصر الرشد إلى عصر الحكمة، لتساهم في بناء عالماً إنسانياً جديداً ،تسوده الحقيقة والعدل، وتصان فيه الحريات وحقوق الانسان.
اترك تعليقاً