البروستاريكا ألغورباتشوفيه هل ستكون أمريكية قريباً ؟
د. شلال عواد العبيدي
الاتحاد السوفيتي كان دولة واحدة و ليس فقط دول موحدة ، و كان بأكبر من حجم قارة ، دولة موحدة بكل ما تدل عليه كلمة موحدة ، و حيثُ إنها شيوعية فإذن ليس هناك مجال للكلام عن انفصال أو انقسام أي جزء منها ، و الاتحاد السوفيتي قوة صناعية و زراعية و عسكرية هائلة ، بلد فيه التنوع في كل شيء و ذلك بسبب مساحته الشاسعة ، فهو في الحقيقة مجموعة دول متحدة و كل دولة من هذه الدول لها وزنها و مقومات دولة لوحدها .
الاتحاد السوفيتي كان الند لأمريكا و هو مستمر على ذلك من خلال روسيا حالياً ، و لكم أن تتصور كم كان كبير الاتحاد السوفيتي فبرغم من انفصال الدول عنه إلا إن روسيا الآن قوة لا يستهان بها ، الاتحاد السوفيتي كان يتقاسم مع أمريكا النفوذ العالمي ، فدول العالم أما تتبع الكتلة الشرقية أو تتبع الكتلة الغربية ، أما شيوعية أو اشتراكية أو أن تكون غربية رأسمالية ، و كان التسليح الروسي لكل المحور الذي يوالي أو يحتمي أو يؤيد المعسكر الاشتراكي ، و بهذا فإن الاتحاد السوفيتي قوة عسكرية جبارة و هو مصدر أسلحة مهم و يمثل صناعة متطورة و كل هذه العوامل من القوة و الثبات ، إلا أن رياح التغيير ، واعدة البناء البروستريكا كما سميت حينها في عهد غورباتشوف قد احدث تقسيم الاتحاد السوفيتي و انحلال اكثر14 دولة عنه .
ما يوجد من عوامل قوة و اتحاد في الاتحاد السوفيتي من ناحية و وحدة الشعب من الشعب السوفيتي و تاريخه و أصالته هي اقوى بكثير مما عليه الحال في الولايات المتحدة الأمريكية ، فلشعب الأمريكي شعب هجرة من أعراق مختلفة و هو يمثل خلفية بلدان آخر و هو ليس اكثر من بلد مهاجرين ، و ما يعتقده الشعب السوفيتي من قيم و مفاخر و ثوابت اعلى بكثير من قيم و ثوابت الشعب الأمريكي في ولاياته غير المتجانسة و المتشابهة ، و الشعب السوفيتي قبل فترة تفكك الاتحاد السوفيتي لم يكن يعاني بصورة قوية و واضحة من أزمة اقتصادية خانقة و الوضع كان مستقر جداً.
اليوم نرى إن هناك اكثر من سبب واحتمال بان هناك كثير من العوامل التي قد تفكك الولايات المتحدة الأمريكية ، ومن قال بان هذا الاتحاد مقدس ، وكما وضحنا هو لم يكن يوماً افضل قوة من الاتحاد السوفيتي من ناحية التلاحم الاجتماعي لشعبه ، حيثُ إن الشعب الأمريكي ينقسم إلى ولايات منعزلة عن بعضها تكاد تكون كل واحدة دولة لوحدها و لديها من الاستقلال الكثير من الناحية الاقتصادية و القانونية و لها علمها الخاص ، حيثُ إن من هذه الولايات ما هو غني و منها ما هو المتواضع في المستوى الاقتصادي و المعاشي .
إذا ما استمرت جائحة كورونا لمدة اشهر لنهاية 2020 كما متوقع لها ، سينجم عن ذلك خسائر فادحة في الأرواح البشرية ليس بسبب الفيروس فقط ، علما إن الولايات المتحدة الأمريكية تفقد (30) مليون وظيفة و فرصة عمل بسبب الفيروس لحد الآن ، إلا إن ما نقصده ابعد من ذلك ، وهو إن استمرت الجائحة ستخلق جائحة اقتصادية ، حيثُ إن المعطيات على الأرض الآن تتمثل في انخفاض أسعار النفط الأمريكي إلى السالب أو لنقول نصف دولار للبرميل ، و إن تكلفة إنتاج النفط الصخري يكلف انتتاج البرميل 46 دولار ، حدوث ضرر صناعي كبير بسبب توقف القطاع الصناعي و خسارة عدد كبير من الشركات و إعلان إفلاسها و أغلاقها ، توقف الطيران و المواصلات و النقل و التجارة و كل معالم الحياة و ها سوف يهدد التجارة بالانهيار الكامل .
و هناك اتفاق مجموعة دول شنغهاي لتحلل من علاقتها بالدولار الأمريكي، ودول الشنغهاي هي ثمان دول من ضمنها روسيا و الصين ونفس التوجه موجود لدى تركيا و ايران و الهند ما قد يزيح الدولار كعمله عالمية دون منافس و قد يجعله في مستوى ادنى من العملة الصينة و يسبب خسائر كبيرة للاقتصاد الأمريكي ،
كل الذي سبق ذكره يضاف إليه وجود خيبة امل في الشارع الأمريكي ، تتمثل في عدم اتخاذ إجراءات سريعة و حقيقية خلال الأزمة ، حيثُ إن الولايات الأمريكية تقف في أخر الدول من ناحية استعداداتها و وضعها أما الجائحة ، وهذا أعطى انطباع دولي و كذلك للمواطن الأمريكي بان أمريكا ليس الدولة الأولى عالميا و الأكثر تطوراً ، حيثُ إنها قدمت الاقتصاد الأمريكي و سلامته على سلامة مواطنيها كذلك فأنها عاجزة إن توفر رعاية صحية لكل من أصيب حيثُ تركت كبار السن لانتظار الموت في بيوتهم ، بل اكثر من ذلك إن أمريكا تستورد الكمامات رغم بساطتها وكذلك أجهزة التنفس ، و اكد ذلك اتهامها بالقرصنة و الاستيلاء على صفقات لمواد طبية كانت لدول أخرى مثل المانيا .
الولايات المتحدة الأمريكية ليس لها سياسة ثابته و فق مزاج غريب لرئيس أمريكي تشكل تصرفاته غرابة اكبر ، حيثُ انه تدخل قبل هذه الأزمة بكل شؤون الدول و كان و لازال غريب في تصريحاته ، تمثل فيه الغرور و ذكره و تلميحه بانه يستطيع اني يأخذ من الدول ما يريد ( إتاوات ) و نصب نفسه شرطي العالم ، ويصرح بشكل هستيري ضد دول مستقلة و حرة مثل كوريا الشمالية و الصين و ايران و العراق و السعودية و تركيا ، مرة يريد خيرات بلد ما و مرة يعلن حصار على بلد ما و مرة يهدد و يفرض ضرائب مجحفة على بلد ما .
و يمكن لهذه الأمور مجتمعة ، الجائحة الصحية و الجائحة الاقتصادية و الأعداد الضخمة من الخسائر البشرية و الخسائر الاقتصادية الهائلة ، و ما تكشفه من الضعف الذي عليه الولايات المتحدة الأمريكية ، و خسارتها لسمعتها في الوسط الدولي و كذلك الانتخابات الأمريكية القادمة و هي على الأبواب و المنافسة بين بايدن و ترامب و الذ اتهمه بانه يريد البقاء باستغلال هذه الأزمة في صالحة ، كل ذلك ممكن أن يحدث فوضى و سخط و عدم رضا المواطن الأمريكي مما قد يحدث وضع داخلي مضطرب يودي بالولايات المتحدة الأمريكية إلى التفكك و التقسيم ، و قد ذكرنا إن الاتحاد السوفيتي عندما تقسم و تفكك كان افضل حالاً من الولايات المتحدة على وضعها الذي ستؤول إليه بعد اشهر من الجائحة .
اترك تعليقاً