كلمة د. ياسمين عليان في المُلتقى الدولي: العُنف الأُسري

كلمة د. ياسمين عليان في المُلتقى الدولي: العُنف الأُسري

د. ياسمين عليان

 

نجتمع اليوم للحديث عن قضية  مهمة هي العنف انطلاقا من كون العنف ظاهرة عامة ، يترك  بصماته على كافة وحدات المجتمع وأنساقه وخاصة الأسرة ، التي تعد النواة الأولى واللبنة الصلبة في بناء المجتمع المتحضر  والركيزة الأولى في التنمية المستدامة في ظلالها يتربى الفرد الصالح وتنمو المشاعر الصالحة ومشاعر الحب والأمومة والأبوة والأخوة  ، يتعلم أفرادها التعاون على الخير والعطاء وينشأ فيها جيل معتدل يرفض التطرف والعنف ومن هنا أكدت جميع الديانات على تكوين الأسرة وأساسها يقام على  ميثاق غليظ يضمن تماسكها ويحفظها أمام التحديات والتهديدات ، فهي تتحمل المسؤولية الأولى من الحد من ظاهرة العنف الأسري ، وتبدأ مسؤولية الأسرة من خلال التماسك ما بين الزوجين والتواصل مع الأبناء بالحوار وحرية التعبير فأما  عملية القمع والكبت والعنف تنعكس بشكل سلبي على الأبناء في علاقاتهم مع أنسهم ومع  مجتمعاتهم ، أي  أنها تخلف آثارا اجتماعية واقتصادية ونفسية سيئة على جميع أفراد الأسرة  لا سيما النساء والأطفال والمسنين والمعاقين .

وإدراكا منا بأن هذه القضية انبرى لها أقلام مثقفينا وكتابنا وباحثينا منذ سنوات عدة ، وقد حققت على المستوى العربي انجازات في مجال حماية الأسرة ووقايتها من العنف ، إلا أن هذه الإنجازات مازالت لم تعطي المعالجات الكافية للحد من ظاهرة العنف الأسري بل كانت في زيادة مستمرة  في ظل ما يشهده العالم من تغيرات واسعة في مجال مكونات الأسرة في المجتمعات المختلفة فبدأت الأسرة تفقد مفهومها بالطبيعة الفطرية وموقعها في البناء الاجتماعي  ووظيفتها في التنشئة خاصة في ظل التداعيات الأخيرة التي شهدها المجتمع سواء سياسية وصحية وبائية  واقتصادية  وإعلامية  وتكنولوجية  وما خلفته  من آثار تربوية أظهرت نسيج جديد من العنف الممارس  وأعطت إحصائيات جديدة لارتفاع نسب الطلاق ونسب العنف والقتل الموجه نحو المرأة وأفراد الأسرة

ومن هنا نجتمع اليوم للحديث عن موضوع العنف الأسري بهدف تحليل القضية حسب مستجداتها في العقود الأخيرة من ناحية تربوية دينية واجتماعية نفسية وقانونية حقوقية، بهدف الوصول أو تطوير آليات للتعامل معها.

شارك هذا المنشور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.