حوار الحضارات : ضرورة حتمية في زمن الصعوبات والتحديات

حوار الحضارات : ضرورة حتمية في زمن الصعوبات والتحديات

بقلم الاعلامية الدكتورة: نادية بن ورقلة 

نظم مركز بيلر للبحث العلمي برئاسة الدكتورة نرمين ماجد و بالتعاون مع هيئات و جامعات علمية الندوة العلمية الدولية الموسومة: إنعكاس قيمة التعددية على تقارب الحضارات و تحت شعار :” التنوع الثقافي ثراء للإنسانية”.رؤساء الندوة هم كل من د عمر الفاروق النخال إعلامي و كاتب وباحث في ميدان الإعلام الجديد و د. رشا عبد الرحمان حجازي رئيس قسم العلاقات العامة و الإعلان بأكاديمية الشروق بمصر. تناول هذا العنوان التنوع الذي يمكن له أن يثري ‘إنسانينا بإرساء تقاليد تنوع لغوي ديني، انطلاقا من رؤى مشتركة . هذا الموضوع الذي يعد إشكالا يبقى حائلا أمام تحقيق التعددية و التقارب الحضاري، أين يبقى التواصل عاملا مهما جدا للوصول إلى عناوين و توصيات واضحة، و هذا ما قدمه منشط الندوة الصحفي عمر النخال ، السؤال المحوري الذي تم طرحه في بداية الندوة كان كالآتي : كيف نصنع من التنوع قوة وإلهام بهدف تأصيل الحوار ؟ وجود آدم أدى الى ظهور الحوار و هذا ما جاء على لسان المتحدث الاول: الدكتور عماد الفالوجي وزير سابق و رئيس مركز آدم لحوار الحضارات بفلسطين. فكرته مفادها أن الإنسان مجبول على الخلاف و الاختلاف منذ ظهوره على الأرض لذا من المهم البحث عن سبل الاتفاق ليؤسس بذلك الخلاف الى الحضارة الإنسانية التي تحتوي على الإبداع ،التنوع الثقافي الذي نثري به الإنسانية ليقدم بذلك الإنسان أفضل ما لديه من خلال عملية الخلق و الإبداع ،التنافس ، التشارك لخلق حضارة إنسانية و إرساء تقاليد صحية من خلال تكريس ثقافة حوار الحضارات ،دون ان ننبهر بالحضارة الغربية لان العلماء المسلمون قد ساهموا في صنع حضارة الغرب التي ينبهر أمامها العالم .مع الإيمان بفكرة الاختلاف كونه اللبنة الأساسية في بناء الحضارة الإنسانية التي يتشارك فيها الجميع . المداخلة الثانية كانت للدكتور محمد سيد أحمد و هو دكتور بجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية أين تحدث عن حضارة الأندلس التي أسهمت في نماء و ارتقاء الحضارات و التي أرست تقاليد حضارية راقية أدت إلى تجانس الحضارات على اختلافها و عززت بذلك الفكر التشاركي من خلال الحوار و تحولت بذلك الحضارة الأندلسية إلى منارة الحضارات. لتأتي المداخلة الثالثة التي قدمتها الدكتورة إيناس القباني من وزارة الثقافة العراقية أين تناولت الحوار من منظور فني جمالي انطلاقا من فكرة أن الحوار بين الثقافات يحمل شغف التعرف على فن الآخر من خلال الموسيقى و هذا بالتعرف على موسيقى الآخر و أشعاره ،أين يمتزج الماضي بالحاضر و الشرق بالغرب لينصهر سحر الشرق بصخب الغرب ليشكلان بذلك ” سيمفونية حداثوية” يتفاعل فيها الإلهام و الإستلهام داخل العملية الإبداعية.خاصة و أن التراث الموسيقي يعد جزءا من حضارة الشعوب، و الجميل أن الموسيقى لا تحاصرها القوانين مما يدفعها للانتقال الى ضفاف الشعوب الأخرى بسلالة لتبقى الأغنية الريفية في رأي المتحدثة ” أيقونة ثقافية” من خلال اندماج اللحن ، الكلمة و يمكن لهذه الأخيرة إن تزيد في الواردات الربحية بالبلد. ليصلنا صوت اليمن في مداخلة الدكتورة هدى علي علوي مديرة مركز دراسات المرأة و أستاذ القانون بجامعة عدن في الترتيب الرابع للمتدخلين أين تحدثت بدورها عن التنوع الثقافي كمطلب ملح مع الإشارة إلى أن التنوع يمكن اعتباره سلاحا ذو حدين لذا من المهم تجسيد التنوع و لكن بوجود ضمانات قانونية، سياسية انطلاقا من أسس،ضوابط و قيم بعيدا عن فكرة الهيمنة التي جاءت بها العولمة مع وجوب الحفاظ على الهوية ” السلم الإنساني” لأن الحوار كنتيجة لا يلغي التنوع و لا يستبعد الاختلافات ،المهم هو ربط الحوار بضمانات قانونية . لتقدم الدكتورة الزازية برقوقي دكتورة في العلوم الثقافية جامعة صفاقس من تونس فكرة ضرورة تنظيم ورشات لنشر ثقافة التنوع و التعددية لبناء المجتمعات المتكافئة في ظل ما نشهده من صعوبة التواصل، التحيز الثقافي و هذا من خلال تعزيز الحوار و الوعي مع الآخذ بعين الاعتبار “الطقوس الدينية،الممارسات الاجتماعية ،هوية المجتمعات التراث الثقافي ” مما يعزز فكرة التواصل ، و يرسي ثقافة التفاهم بين الثقافات المختلفة.مع الترويج لفكرة التعلم من خلال التجارب المشتركة و تعزيز الاحترام المتبادل ، توسيع المهارات، الاختلافات اللهجية ،التنوع الثقافي الديني،احترام الأقليات،التعايش السلمي و هذا ما يدعم و يعزز فكرة أن نساهم جميعنا في العملية التعليمية فنعلم بذلك بعضنا البعض. المتدخلة الدكتورة سعدية عيسى دهب الأمين العام لجمعية أسرتنا للمعاقين من السودان والتي تحدثت عن الوضع في بلدها السودان اليوم البالغ التعقيد كما عرفت بالثراء الثقافي الذي يحمله السودان من خلال اختلاف اللهجات، الدين ،أين نجد السودان اليوم يبحث عن كينونته و هويته في ظل الصراع القائم ، أين تناولت جانب التعددية و التمييز على أساس اٌلإعاقة كما قدمت المتحدثة رأيها بموضوع التنوع الذي لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال : قبول التعدد،و بوجود السلم الاجتماعي ،خاصة وان هناك تحديات كثيرة رغم وجود هذه الفسيفساء الثقافية بالسودان صنعتها لهجاته ، قبائله إلا انه يعاني اليوم بسبب الحرب بعد أن تحول إلى بؤرة صراع .اذ لا بد كما ذكرت المتدخلة أن الموروث الثقافي يعتبر في حد ذاته تحدي يجب التعامل معه من منطلق الاختلاف و ليس الخلاف و تقبل الآخر المختلف عنا عرقيا و دينيا مع وجوب تعزيز الشعور بالوعي لدينا من خلال التعبير دون مواربة آو استعجال و إرساء قواعد المحبة و السلام ،الرفاه حتى تسود العدالة و المساواة .لأننا نؤمن جميعنا بالاختلاف و نعترف بالتعددية ، و هذا ما سيدعم مسعانا في التخفيف من الصراعات تفاديا للضياع من خلال تقبل الاختلاف ،اعلاء قيم التسامح ،آملين أن لا تضيع الحرب السودان الذي يعرف نزوحا كبيرا و هذا ما يهدد الهوية السودانية . المتدخلة الأخيرة هنا ايبو خبير الملف التعليمي و منسقة مشاريع أممية –مسؤولة شؤون اللاجئين بمنظمة امرا بتركيا، نقلت لنا صورة واقعية عن الصعوبة التي يواجهها اللاجئين السورين في تركيا بسبب عائق اللغة، و التي نوهت إلى فكرة هامة جدا و هي أن التحدي الأكبر يكمن في أن نواجه أنفسنا و نتقبل ذواتنا أولا حتى نتمكن من التواصل مع الآخر المختلف و تقبله، إذ لا يمكن تحقيق هذه المعادلة على ارض الواقع و نحن في صراع داخلي اذ لا زلنا محاصرين داخليا في ظل وجود تحديات عرقية،و عنصرية متجاهلين بذلك أن حضارة بلاد الشام هي مهد الحضارات بعد أن أصبح شعبها المهجر غير قادر على التعريف بحضارته، لذا بات التنوع يشكل عائقا كبيرا مرده الى اللغة إذ تجد أزيد من أربعة مليون مهاجر سوري أمام تحدي ، يحتاج إلى تحقيق الاندماج قبل أن نستعرض فكرة التنوع ،خاصة و أن تحديات الواقع تختلف عن ما يقدمه المنظرين و الأكاديميين، لتدعو السيدة هنا الحضور الى طرح المشاكل و إقتراح الحلول للمساهمة في اعادة احياء التنوع العربي من خلال مساعدة المهاجرين على الاندماج خاصة واننا نعيش في “مجتمع ممزق” فما نراه مختلف عن ما نعيشه. لتعقب الدكتورة نرمين ماجد في نهاية الندوة على ضرورة توسيع الخيارات مع إذكاء فكرة التنمية،الثقافة ، التنوع ، مع ضرورة الاعتراف بالتراث المشترك للإنسانية .ليأتي دور منشطي الندوة لرصد مجموعة من التوصيات من بينها :-التأكيد على فشل الحوار حاضرا مما يستدعي تكريسه الآن بأوجه مختلفة . -تسليط الضوء على التعددية الثقافية من خلال نشر مواد سمعية بصرية “وثائقيات” على سبيل المثال للاستفادة و التوضيح . -التأكيد على احترام التعددية لكسر الهيمنة و مصادرة الرؤى. -إحياء مواسم أدبية و ثقافية دائمة و عدم حصرها في ملفات النزاعات و الصراع.

شارك هذا المنشور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.