طُفَيليَّاتُ الواتس اب …. !!!
د. نيرمين ماجد البورنو
الكثير منا يستخدم تطبيق “واتس اب باعتباره وسيلة تواصل أكثر أمان من غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي ؛ ولكن الغريب بالموضوع أن تتفاجأ بوجودك بجروبات مختلفة والتي تتنوع ما بين البيزنس والعائلة والأصدقاء والمتطفلين والتسويق وصولا لجروبات العمل والبحث العلمي سواء باستئذان أو بدونه وقبل أن تستوعب أسم المجموعة وصورة العرض؛ وبتعدد مثل هذه المجتمعات الصغيرة على هاتفك جعل مسألة انتمائك لمجتمع ربما يكون خطأ؛ نظرا لكثرة الروابط والمجموعات والدعوات الاجتماعية الواردة والصور والتي تصل الى جهازك في النهار والليل ؛ وكثره حالات النصب والاحتيال والتي شاعت مؤخرا مع انتشار هذه الجروبات ؛ والغريب بالموضوع أن يصلك مسج من أناس مضافون معك بنفس الجروب يتطفلون عليك ويريدون منك مصلحة أو تعارف أو أن تساعدهم في البحث عن عمل أو أن تجد لهم شريكة حياة مناسبة وأنت لا تعرفهم البته؛ لحظتها تشعر بأنك تعمل كخاطبة مثل ” الخاطبة نونة” أو يسالونك عن طبخة ما وكيفية اعداها فلحظتها تشعر بانك “أم فتكات لتعليم الطبيخ”.
انتشرت في الآونة الاخيرة الكثير من جروبات ” الواتس اب” المختلفة والتي اعتبرها البعض شراً لا بد منه حيث اقتحمت عالمنا المعاصر وفرضت سيطرتها على الكثير منا ؛ مما دعا الكثير للاستسلام لها طوال الوقت و إهدار الوقت خاصة الموظفين في الشركات ؛ مما دعا المسؤولين الى منع استخدام الانترنت عن موظفيها الا من خلال الدخول على برامج أو مواقع ذات علاقة بالعمل؛ ويعتبر الواتس اب أكثر البرامج ضرورة وسهولة وتعاملا لدي غالبية أفراد المجتمع فمن خلاله يتم تبادل الأخبار اليومية وكل ما هو جديد على الساحة وعلى مدار الساعة ؛ وهو يعتبر في بعض الاحيان لم شمل الأهل والأصدقاء الا أن الكثير يستخدمه بطريقة خاطئة كمن يضطرا الى المغادرة من كثر المشاكل والعتاب ففلان يعتب على فلان وينتقد فلان وربما يحصل تجاوزات تؤدي الى التلفظ بألفاظ غير محببة وغير لائقة وشتم وقذف ولعن, ومن هنا تعتبر رسالة الجروب من جمع الأحبة الى فراقهم ليضغط الغاضب على زر حذف المجموعة والخروج منها والسبب تافه ولا يكاد يذكر؛ فيصبح الواتس لحظتها ساحة للخصام وتبادل الشتائم؛ لقد أصبح الوضع غريب جدا كلام وسب وقذف وتهديد ووعيد وتراشق بالألفاظ وعراك طول الوقت والغريب أيضا بالموضوع أن هناك أعضاء صامتون فلا نسمع لهم حسا ولا حديثا ولا أخبار مما دعا الكثير لتسميتهم بالأعضاء الصامتين رغم تتبعهم للاحاديث كلمة بكلمة.
أي عالم يضج بالأفكار والتوجهات والأقنعة ؛ في بعض الأحيان تصدمك عقليات وتدهشك أخرى ؛ لقد أصبح الأمر ملفتا للنظر ومزعجا لكثير من الناس ؛ فلماذا نحن البشر نسيء في استخدام التطبيقات الحديثة ؟؟؟ رغم ان التكنولوجيا بحد ذاتها سلاح ذو حدين ؛ إذن المشكلة باتت فينا نحن عندما نستخدمها في ما يضرنا ويسيء لنا؛ لا أحد يستطيع أن ينكر بأن تقنية الواتس لها مزايا عديدة فمن خلالها نستطيع الوصول الى من نريد في مشارق الأرض ومغاربها عبر المسموع والمرئي والمقروء , ويستطيع المعلم ان يتواصل عبرها مع طلابه وتستطيع الأم أن تلم شمل العائلة؛ ومن مميزاته أنها يوفر النقود التي يتم انفاقها على الرسائل القصيرة الى جميع أنحاء العالم دون دفع أي رسوم؛ ويستطيع الفرد من خلالها التواصل مع الأصدقاء ومشاركتهم الصور ومقاطع الفيديو والملفات والاتصال فيديو وصوت, ويمكن الاستفادة من جروبات الواتس اب الثقافية لأنها بمثابة قارة افتراضية لا يسكنها الا المبدعون.
إن ظاهرة المجموعات في “الواتس اب” أضحت ظاهرة طبيعية في العالم الرقمي الذي نعيشه , و بما أنه محتم علينا استخدامه فيجب أن نضبط أنفسنا اكثر ونركز على جدية الهدف من استعماله ويجب أن يكون بمثابة المنارة التي تؤسس لكل عمل جميل مثمر باعث للمحبة والسلام بين الناس بدل التطاحن والمناكفة وزرع الأيديولوجيات المشوشة والتي بالتالي تقود الي صراعات وأزمات ومشاكل قد لا يحمد عقباها؛ ويجب أحترم الرأي والرأي الاخر ؛ والمهم بالموضوع أن نعيي جيدا بأن مجموعات الواتس اب التي تحتوي على أفراد في المجال المهني الواحد أو ذات الطابع الاهتمام المشترك تمثل أمرا بالغ الأهمية فهي نافذة للتعارف على زملاء جدد في المجال نفسه حتى وان بعدت الجغرافيا ؛ ولكن يجب أن نحترم أنفسنا وشخصنا ولا نتطرق الى الحديث بمواضيع خارج تلك البوتقة , وان الجروب وجد للاستفادة وليس للهروب من العزلة وانه ليس للتطفل على الخصوصيات والتعارف بشكل مبتذل .
اترك تعليقاً