الوطنية تعمل ولا تتكلم …!
أ .د. حنا عيسى
صدق هوميروس عندما قال : “ليس أعذب من أرض الوطن ” وتلاه ونستون تشرشل قائلا :” الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم ” أما ياسر عرفات فقد قال :”هذا وطني لا يستطيع أحد أن يطردني منه ” وينهي بوب هوب قائلا : ” إن تطلب الأمر أن أبيض بيضة من أجل وطني فسوف أفعل ذلك ..إذن ، كلّ شيء في هذا العالم ، القوانين والعلوم والدول ، من صنع أشخاص مثلي ومثلك ، وبالتالي كل شيء قابل للدراسة والنقد والتقويض والبناء ، لسنا ضيوفًا على هذا الكوكب ، فنحن ننتمي إليه بقدر ما ينتمي إلينا ، وماضيه ملك لنا وكذلك مستقبله.
اختلفت تعريفات الوطنية عند الباحثين باختلاف المناهج الفكرية لديهم فمنهم من جعلها عقيدة يوالي عليها ويعادي ، ومنهم من جعلها تعبيرا عاطفيا وجدانيا يندرج داخل إطار العقيدة الإسلامية ويتفاعل معها. وهي تقديس الوطن بحيث يصير الحب فيه والبغض لأجله ، والقتال في سبيله. وهي العاطفة التي تعبر عن ولاء الإنسان لبلده ، وانتماء الإنسان إلى دولة معينة يحمل حنينها ، ويدين بالولاء لها. وهي تعبير عن واجب الإنسان نحو وطنه،
وتعبير قومي يعنى حب الشخص ، وإخلاصه لوطنه
والوطنية مصطلح يستخدم للدلالة على المواقف الإيجابية والمؤيدة للوطن من قبل الأفراد والجماعات ، ومن مواقف الوطنية “الفخر بالثقافة ، الفخر في الإنجازات ، الرغبة في الحفاظ على طابع وأساس الثقافة ، وتحديد الهوية مع الأعضاء الآخرين في الأمة.
تعتمد الوطنية في زمن السلم على أفعال رمزية مثل : تحيّة واحترام العلم ، النشيد الوطني ، المشاركة في التجمع الجماهيري ، وإبداء مظاهر الوطنية مثل وضع ملصق يمثل الوطن على السيارة أو في المنزل أو غيرهم ، أو أي طريقة أخرى لإعلان الولاء للدولة مثل مساندة الوطن في سياسته السلمية مع دول العالم لتوثيق الروابط بينهم ومع شعوبهم. اما في زمن الحرب رمزية الوطنية تكمن في رفع الروح المعنوية لأبناء الوطن الواحد وبدوره المساهمة في المجهود الحربي المشروع بالقانون. ونقول فلان وطني أو فلانة وطنية ، وتعني ان هذا الشخص من اشد المتشددين بالوطن ويمكن أن يقدم نفسه دفاعا عن الوطنية أو الوطن فبه يفتخر ويعتز لكونه وطنيا ، والتاريخ ذكر بطولات اممية لوطنيين دافعوا عن الوطن وسجلهم التاريخ ولم يطوي صفحاتهم بل خلدوا في التاريخ وأصبحوا قاده عظماء يفتقدهم الجيل ويحتفل بمراسيمهم التاريخية والأعياد التي تذكر بطولات هؤلاء ، وأيضا نلاحظ جملة فخر الصناعة الوطنية وتشير إلى الانتماء العريق بالوطن ، وكذلك السلطة الوطنية أي انها سلطة ذاتية تحكم حدود الدولة أو بمعنى آخر كل ما هو داخل نطاق تلك الدولة من محورها السياسي الجغرافي ، كلها مسميات تدل في آخر المطاف على الارتباط الوثيق بالوطن أو انها صنعت داخل حدود هذه الدولة.
اما المواطنة فهي وحدة الانتماء والولاء من قبل كل المكون السكاني في البلاد على اختلاف تنوعه العرقي والديني والمذهبي للوطن الذي يحتضنهم ، الأمر الذي يقتضي أن تذوب كل خلافاتهم واختلافاتهم عند حدود المشاركة والتعاون في بناء الوطن وتنميته والحفاظ على العيش المشترك فيه.
والمواطنة ترتبط عادة بحق العمل والإقامة والمشاركة السياسية في دولة ما أو هي الانتماء إلى مجتمع واحد يضمه بشكل عام رابط اجتماعي وسياسي وثقافي موحد في دولة معينة. وتبعا لنظرية جان جاك روسو “العقد الاجتماعي ” المواطن له حقوق إنسانية يجب أن تقدم إليه وهو في نفس الوقت يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية التي يلزم عليه تأديتها. وينبثق عن مصطلح المواطنة مصطلح “المواطن الفعال ” وهو الفرد الذي يقوم بالمشاركة في رفع مستوى مجتمعه الحضاري عن طريق العمل الرسمي الذي ينتمي إليه أو العمل التطوعي. ونظرا لأهمية مصطلح المواطنة تقوم كثير من الدول الآن بالتعريف به وإبراز الحقوق التي يجب أن يملكها المواطنين كذلك المسؤوليات التي يجب على المواطن تأديتها تجاه المجتمع فضلاً عن ترسيخ قيمة المواطن الفعال في نفوس المتعلمين.
اترك تعليقاً